الرئيسية / مقالات / علامَ يعيش الإنسان؟!

علامَ يعيش الإنسان؟!

ما الذي يعطي لحياتنا معنى؟
ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟
ما الذي مُنحه الإنسان؟ وما الذي مُنعه؟ وعلام يعيشُ الإنسان؟

في إحدى روايات الروسي الرائع ليو تولستوي بعنوان (علام يحيا الإنسان؟)، يتناول المؤلف قصة خرافية عن ملك فسق عن أمر ربه، أمره الله أن يقبض روح امرأة أرملة أم لطفلين رضيعين يتيمين، فأبى أن يفعل وقال، ومن للصغيرين بعد وفاة أمهما وقد قبضنا روح أبيهما منذ وقت قريب؟ فطرده الله من الملكوت الأعلى وأنزله الأرض في هيئة إنسان عريان بعد أن نزع عنه جناحيه، وقال له: لن تعود إلى الملكوت حتى تكتشف الإجابة عن ثلاثة أسئلة: ما الذي مُنحه الإنسان؟ وما الذي مُنعه الإنسان؟ وعلام يحيا الإنسان؟

نزل الملك الأرض عريان في الشتاء في ليلة قارصة البرودة … فقيض الله له رجلا اسكافي (صانع أحذية) بسيط الحال يعاني من شدة البرد وقلة الملابس .. تجاهله الاسكافي في البداية إلا أنه أخذته الشفقة بهذا العريان فعاد إليه وأعطاه شيئا من ملابسه وأخذه معه البيت وجاءت زوجته وقدمت له طعام الضيافة، وقال له ابق عندي كما تشاء إلى أن تجد سبيلا لك، فتبسم الملك لأنه عرف جواب السؤال الأول (ما الذي مُنحه الإنسان) أو ما أعظم ما منحه الإنسان؟ …أعظم ما مُنِحْهُ الإنسان هو الحب

بقى الملك عند الإسكافي سنوات، وفي يوم جاء رجل ثري فخور معجب بنفسه يريد أن يصنع لنفسه زوجين من الأحذية من أفخر انوع الجلود ولا يوجد له مثيل وضرب له موعد لاستلامه، فطلب الاسكافي من الملك أن يقوم بصناعة النعلين، إلا أن الملك بدلا من أن يصنع حذاء صنع خفين، وفي يوم الاستلام جاء خادم الثري ليطلب منهما خفين بدلا من الحذاءين فقد عاجل الموت الثري قبل أن يرتدي الحذاءين ، فضحك الملك لأنه أدرك إجابة السؤال الثاني (ما الذي مُنعه الإنسان؟) حيث أدرك أن الإنسان غافل عن تحديد غاياته الكبرى في هذه الحياة ..

بقي السؤال الثالث (علام يحيا الإنسان؟) وما الذي يجعل لحياتنا معنى … وفي يوم جاءت امرأة بسيطة الحال مع ثلاث بنات أحدهن طفلة مقعدة، وطلبت من الاسكافي أن يصنع لهم ثلاثة أحذية لهن، وجعل الملك ينظر إلى هؤلاء الأطفال وسأل المرأة هل هؤلاء أولادك، فقالت له هذه ابنتي فقط، أما الطفلتان الآخرتان فلا علاقة لي بهما، وأن أمهما عندما كانت على فراش موتها سحقت ساقي ابنتها عَرَضَاً. وعبرت عن مشاعرها قائلة إنها لم تستطع أن تجد في قلبها ما يدعوها لتركهن وحيدتين في الميتم بل قامت بتبنيهما لتأخذهنّ تحت كنفها. عند ذلك ابتسم الملك للمرة الثالثة، لأنه علم إجابة السؤال الثالث. إن ما يعيش عليه الإنسان هو حب الآخرين ومساعدتهم ورعايتهم ، فكل من يحب كان في معيّة الرب وكان الرب معه …

الحب …
معرفة الغاية الكبرى من وجودك …
ومساعدة الآخرين والاحسان اليهم ورعايتهم
هذه هي الحياة … وهذه هي غايتها … وهذا ما يجعل لحياتنا معنى …

ودمتم
د. أسامة إبراهيم

عن admin

شاهد أيضاً

كيف تبني مقياس دراستك؟

هناك عدد من الممارسات الضرورية لتصميم مقاييس الدراسات المسحية، وهي تتضمن ست خطوات: الخطوة 1: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page