تضمن العدد الافتتاحي (المجلد 1، العدد 1، 2000) من مجلة تعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات مقالاً كتبه نورمان فورتنبيري بعنوان “دراسة تضمين برامج مؤسسة العلوم الوطنية [NSF] في التعليم الجامعي”. وقد قدم فورتنبيري ملخصًا شاملاً لبرامج التعليم والتدريب الجامعي لدى مؤسسة العلوم الوطنية (NSF)، والتي قام بتصنيفها في خمسة مجالات للتأثير على مدخل العلوم والرياضيات والهندسة والتقنية – المناهج الدراسية والمؤسسات وأعضاء هيئة التدريس والدورات والمختبرات والتنوع والطلاب. وقد خلص السيد فورتنبيري إلى “من خلال استخدام موارد كافية، يمكن لمؤسسة العلوم الوطنية تعزيز برامجها الأساسية لتلبية الاحتياجات والفرص غير الـمُلبَّاة. ويمكن تجميع الفرص غير الـمُلبَّاة في خمسة مجالات هي: (1) الإصلاح المنهجي للمناهج والمؤسسات، (2) التعليم عالي الجودة بوساطة أعضاء هيئة التدريس، (3) البحوث والمواد والأساليب التربوية، (4) التركيز على تلبية احتياجات مجموعة متنوعة من الطلاب، و (5) دعم الطلاب”.وبالتزامن مع دعوة فورتنبيري لتضمين البحوث (المجال 3)، تطور البحث التعليمي القائم على الانضباط من خلال الجهود المبذولة بواسطة مجتمع الباحثين سريع التنامي، هذا إلى جانب ظهور مراكز وبرامج وتقارير تخص بحوث التعليم الهندسي (والبحوث التعليمية لمدخل العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات على نطاق أوسع) مثل تقرير المجلس الوطني للبحوث [NRC] لعام 2012 والبحوث التعليمية القائمة على الانضباط (DBER، المجلس الوطني للبحوث، 2012 أ).
وقد تطورت بشكلٍ مستمر البحوث التعليمية القائمة على الانضباط في العلوم والهندسة خلال السنوات العشر المنصرمة. كما ظلت أبحاث التعليم الهندسي تسير على درب التحسن السريع منذ عام 2004 مع تزايد كبير في عدد شهادات الدكتوراة الممنوحة وبناء برامج جديدة، وحتى إدارات أبحاث التعليم الهندسي [EER] بأكملها (بنسون، بيكر، كوبر، غريفين وسميث، 2010). ولقد وُثِّقَ التقدم السريع المُحرز في أبحاث التعليم الهندسي من خلال سلسلة من المقالات الافتتاحية (سميث؛ 2006، ستريفيلر وسميث؛ 2006؛ 2010) وكذلك دورات التواصل بشأن أبحاث التعليم الهندسي في مؤتمرات الجمعية الأمريكية للتعليم الهندسي. وقد عمل سميث وستريفيلر على تنظيم وتسهيل اجتماعات التواصل الخاصة بأبحاث التعليم الهندسي والابتكار (EER&I) في كل مؤتمر سنوي مُنعقد بالجمعية الأمريكية للتعليم الهندسي [ASEE] منذ عام 2010. حيث حضر كل دورة ما بين 40 و60 ممثلاً عن برامج وإدارات ومراكز أبحاث التعليم الهندسي والابتكار. ستُعقد دورات التواصل لدى الجمعية الأمريكية للتعليم الهندسي عام 2014 في الصالة المُخصصة لأبحاث التعليم الهندسي، والتي تُمَثِّل جزءًا من المساحة المُخصصة لأبحاث التعليم الهندسي والابتكار في منطقة المعرض.
ويُسلط تقرير البحوث التعليمية القائمة على الانضباط [DBER] لدى المجلس الوطني للبحوث عام 2012 الضوء على أحدث التطورات في مدى فهمنا لتعلم طالب الهندسة، مع إبراز القواسم المشتركة مع برامج البحوث التعليمية الأخرى القائمة على العلوم. ويُعد هذا التقرير تحليلاً مُجمع عليه من قبل الخبراء في أبحاث التعليم الجامعي من العاملين في مجالات الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والعلوم الجيولوجية وعلم الفلك والهندسة. كما ضمت لجنة الدراسة أيضًا باحثين من مرحلة التعليم العالي وأخصائيو تعلم وأخصائيو علم النفس المعرفي. وقد نُشِرَت المقالات الافتتاحية بشأن تقرير الأبحاث التعليمية القائمة على الانضباط [DBER] في التبويب الخاص بالجمعية الأمريكية للتعليم الهندسي (سينجر وسميث، 2013 أ) ومجلة التعليم الهندسي (سينجر وسميث، 2013 ب). وقد كُرِّسَ في الآونة الأخيرة عددًا خاصًا من مجلة البحوث في تدريس العلوم لبحوث تعليم مواد العلوم في مرحلة ما بعد التعليم الثانوي المرتكزة على الانضباط.
الآن وبعد تأسيس ونمو مجتمع أبحاث التعليم الهندسي، فقد آن الأوان لاستكشاف التحسن الرئيسي التالي، وهو دمج مدخل العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات [STEM]، وتعتبر مجلة تعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات التي تأسست عام 2000 هي المكان الأمثل لعرض هذه المقالة الافتتاحية. وتعتبر الجهود المتدرجة من البحث إلى الممارسة بشأن دمج مدخل العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات بمثابة سمة تنظيمية مركزية لدى مركز العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في جامعة مينيسوتا، والذي أُنشئ عام 2009 بواسطة المؤسسين المشاركين تمارا مور و جيليان روهريغ ويترأسه في الوقت الحالي كارل سميث وكاثلين كرامر.
وتتمثل أهدافنا من هذه الافتتاحية في تلخيص دمج مدخل العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في المراحل من الروضة إلى الصف 12 وكذلك في مرحلة التعليم الجامعي، هذا مع التركيز على الاتجاهات الدولية وتلك السائدة في الولايات المتحدة. ولسوف نعمل على إبراز أفضل الممارسات والبرامج المعروفة سواءً في الفصول الدراسية أو في البحوث المعنية بدمج مدخل العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات.
ماذا يُقصد بدمج مدخل العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات؟
بوجه العموم، يُعرف مدخل تعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات المتكامل والتعليم المتكامل باعتباره محاولة للجمع بين التخصصات الأربعة للعلوم والتقنية والهندسة والرياضيات ضمن فئة أو وحدة أو درس واحد يقوم على نقاط التماس بين تلك التخصصات وبين إشكاليات العالم الواقعي. وعلى نحوٍ أدق، يشير دمج العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات إلى الطلاب المشاركين في التصميم الهندسي باعتباره وسيلة لتطوير التقنيات ذات الصلة التي تتطلب تعلمًا هادفًا من خلال دمج وتطبيق الرياضيات أو العلوم أو كلاهما. وتعزى بدايات دمج العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات إلى حركة التعليم التقدمي في أوائل القرن العشرين (على سبيل المثال ديوي، 1938) ومؤخرًا حركة البحث الاجتماعي المعرفي (المجلس الوطني للبحوث، 2000). ومن ثم فإن خبرات تعلم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات المتكاملة عالية الجودة تتضمن على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: إشراك الطلاب في تحديات التصميم الهندسي التي تمكنهم من التعلم عن طريق التجربة والفشل والمشاركة في إعادة التصميم، استخدام السياقات ذات الصلة في التحديات الهندسية والتي يرتبط بها التلاميذ بشكل شخصي، الإلزام بتعلم محتوى العلوم و/أو الرياضيات المناسب والاستفادة من ذلك المحتوى، إشراك الطلاب في إعداد المحتوى عن طريق استخدام أساليب تربوية تركز على الطالب، وكذلك تعزيز مهارات التواصل والعمل الجماعي. ومن الممكن أن يشارك في تطبيق دمج مدخل العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات معلمًا واحدًا أو أكثر، كما قد يشمل ذلك صفًا واحدًا أو أكثر ، وقد يتطلب ذلك فترات زمنية مُختلفة لاستكماله.
هناك طريقتان مختلفتان لدمج المحتوى والتفكير الهندسي هما: تكامل السياق وتكامل المحتوى.
يشير “تكامل السياق” إلى دمج التصميم الهندسي باعتباره مُحفزًا لتعليم بعض المحتويات التعليمية القائمة على منهج معين (عادةً ما تكون مادة الرياضيات أو العلوم او كلاهما). ولا تتمحور أهداف التعلم حول الهندسة في حد ذاتها، وإنما تستهدف التصميم الهندسي باعتباره علم من علوم التعليم من شأنه مساعدةً الطلاب على تعلم المحتوى.
ويشير “تكامل المحتوى” إلى دمج التفكير الهندسي ومحتوى مادتي الرياضيات/العلوم حيث تصبح دراسة مجالات متعددة منها الهندسة بمثابة جزءًا من أهداف تعلم نشاط أو وحدة ما. وبناءً عليه، فإن أهداف التعلم قد تشمل محتوى مادتي الرياضيات أو العلوم أو كلاهما، ولكن تتضمن أيضًا تعلم الهندسة باعتباره نتيجة مرجوة (موريه وآخرون، 2014). إن كون نشاط التعلم تكامل محتوى أو تكامل سياق يعتمد على موضع التركيز. على سبيل المثال، يُعد نشاط استنباط نموذج الخشونة النانوية أحد الأنشطة التي يمكنها تحقيق كلا الغرضين.
توضع الإشكالية في سياق هندسي يعمل فيه الطلاب لدى شركة تقوم بتطوير طبقات خارجية لبدائل تقويم مفصل الورك. يتعين على فرق الطلاب تصميم طريقة لقياس خشونة الطبقات الخارجية على المقياس النانوي الذي تظهر به صور مجهر القوة الذرية الملتقطة لمواد الطبقات الخارجية.
في سياق تنفيذ التكامل لهذا النشاط، ربما يعمد مدرس الإحصاء إلى استخدام السياق الهندسي باعتباره مُحفزًا، ولكن مع إيلاء تركيز أكبر على طرق استخدام الطلاب للأفكار المتعلقة بأخذ العينات، والاتجاه المركزي، والتباين المطلوب من أجل