د. أسامة محمد عبدالمجيد إبراهيم
أستاذ نظم وأساليب تعليم الموهوبين
في أكتوبر 2009، نشرت مجلة الأطفال الموهوبين Gifted Child Quarterly (مجلة بحوث المتخصصة في مجال تعليم الموهوبين)، عددا كاملا عن بعض الأفكار المغلوطة حول الأطفال الموهوبين. في هذا العدد، تم تفنيد مجموعة من الخرافات المتعلقة بالأطفال الموهوبين بواسطة واحد أو أكثر من خبراء تعليم الموهوبين وذلك استناداً إلى الأدلة المتراكمة من البحوث. من بين أهم الخرافات الاعتقاد بأن “الطلاب ذوو القدرة العالية لا تواجهون مشكلات وتحديات”. وهذا بالتأكيد اعتقاد غير صحيح.
لما يقرب من 60 عاماً تزعمت أمريكا العالم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة بسبب رعايتها للموهوبين والمبدعين. وكنتيجة لذلك، تمتع الأميركيون بفوائد الازدهار. ومع الوقت أولت دولا أخرى مثل – كوريا وسنغافورا وماليزيا – اهتماما وثيقا برعاية الموهوبين على مدى العقود الأربعة الماضية، وأضحت دولا قوية. وقد أدركت هذه الدول أهمية وحتمية التميز في العلوم والتكنولوجيا والهندسة. ومن ثم عملت بجد لتحسين تعليم العلوم الأساسية والمتقدمة في المدارس ورعاية العقول الواعدة بها. ونتيجة لذلك تطورت اقتصاداتها تطورا هائلا، ومن المتوقع أن تشهد ارتفاعا مطردا خلال العقود القادمة.
منطلقات الاستثمار في الموهبة
سبب تربوي
- الطلاب الموهوبين بحاجة إلى رعاية خاصة تماما مثل غيرهم من الطلاب الأقل حظا.
- رعاية الطلاب الموهوبين يمكن أن تجعل منهم متعلمين أكثر إنتاجية على المدى البعيد.
- يمكن أن يؤدي الفشل في تلبية احتياجات الموهوبين إلى الإحباط والفقد، وربما حتى العداء.
سبب أخلاقي/ مهني
السبب الأول للاستثمار في الطلاب الموهوبين هو ضمان أنهم لم يلحق بخبراتهم أي ضرر في المدرسة. ويمكن أن نسمي هذا واجبا أخلاقيا للاستثمار في الطلاب الموهوبين. ويتطلب الالتزام المهني من القائمين على التعليم ومن المجتمع ككل الالتزام بمساعدة جميع الطلاب أن ينمو بدرجات متساوية. فالطلاب الموهوبون لديهم الحق في الحصول على تعليم يناسب احتياجاتهم ويتحدى قدراتهم.
سبب إنساني
السبب الثاني للاستثمار في الطلاب الموهوبين هو تمكينهم من تحقيق إمكاناتهم، فالطلاب الموهوبون لديهم قدرات غير عادية، ولكن هذه القدرات لا يمكن أن تتحقق تماما دون عملية طويلة لتنمية مواهبهم. فتنمية المواهب شرط مسبق لتحقيق الذات self-actualization.
سبب عملي/ براجماتي
السبب الثالث أن المجتمعات تستثمر في أبنائها الموهوبين بسبب القيمة المضافة التي سوف يسفر عنها الاستثمار. فالاستثمار في الموهوبين من المأمول أن يعود بمكاسب كبيرة على المجتمع في المستقبل. فالأفراد الموهوبون لديها إمكانات هائلة لصالح المجتمع، سواء اختاروا تركيز مواهبهم في تنشئة الأطفال، أو في مهنهم، أو في أداء مستويات عالية في المجالات المختلفة، وفي الاكتشافات في مجالات العلوم و/أو خلق الاختراعات أو حتى الفنون التي تجعل حياتنا أفضل. هؤلاء الطلاب، يشكلون ثروة وطنية حقيقية أكثر من أي موارد طبيعية أخرى لدينا، ومن المأمول أن يمثلوا الرافد الأهم لنمو الوطن وازدهاره.