الرئيسية / مقالات / الموضوعية في تقويم اعضاء هيئة التدريس

الموضوعية في تقويم اعضاء هيئة التدريس

د. أسامة محمد إبراهيم

الموضوعية

الموضوعية هي أحد القضايا الرئيسة في تقويم أعضاء هيئة التدريس. ففي الغالب عند تطوير نظام لتقويم أداء أعضاء هيئة التدريس، يكون هدف إدارة المؤسسة أو اللجنة المسئولة عن عملية التقويم هو إيجاد نظام موضوعي. ويجب أن نتعامل مع هذه القضية بحذر وأن ندرك أن الموضوعية الكاملة في التقويم هي قضية صعبة المنال. فتعريف التقويم يظهر بوضوح أن الذاتية هي مكون متداخل في عملية التقويم. وفي الحقيقة فإن مصطلح التقويم الموضوعي يحمل في طياته قدرا من التناقض. فأدوات القياس المستخدمة في عملية تقويم أعضاء هيئة التدريس (مثلا نماذج تقدير الطلاب وقوائم ملاحظة الرفقاء وغيرها) يمكن بل يجب أن تحقق مستوى عال من الموضوعية، ولكن عملية التقويم مع ذلك هي في الأساس عملية ذاتية.

 إن نظام تقويم أعضاء هيئة التدريس الموضوعي هو الذي يعطي نفس النتائج بغض النظر عمن يقوم بتقويم الأداء أو الإجابة عن أسئلة التقويم. ولأن التقويم الموضوعي عملية صعبة المنال، فإن من المهم أن نحدد كيف يمكن أن نصل إلى الوصول إلى مخرجات تقويم متناغمة أو متسقة من خلال عملية هي بالضرورة ذاتية. ويجب أن نحدد كيف يمكن أن نصمم عملية تقويم التي سوف تمدنا بنفس الأحكام التقويمية القائمة على مجموعة من البيانات بغض النظر عن من الذي قام بملء هذه البيانات. هذا يمكن القيام به من خلال عملية تسمى “الذاتية المنضبطة”.

الذاتية المنضبطة: إن الموضوعية في تقويم أعضاء هيئة التدريس يمكن أن توجد في قياس أداء الأعضاء. فالأدوات المستخدمة في قياس أداء الأعضاء مثل قوائم الملاحظة وقوائم الطلاب ونماذج تقدير الزملاء يمكن أن تنتج بيانات موضوعية (قياسات). على أية حال، على الرغم من أن المقاييس يجب أن تكون موضوعية بقدر الإمكان فإن عملية التقويم هي عملية ذاتية في الأساس.

إن قيمة الموضوعية هي في ثبات واتساق المخرجات بغض النظر عن شخص القائمين بالتقويم. فلو أن عملية تقويم أعضاء هيئة التدريس بموضوعية أمرا ممكنا، فإن أي اثنين سوف يقومون بعملية تقويم الأعضاء سوف يصلوا إلى نفس النتائج أو الإحكام التقويمية.  ولأن الذاتية في عملية تقويم أعضاء هيئة التدريس هي شيء لا يمكن تجنبه فإن الهدف يجب أن يكون العمل على ضبط أثرها. وهذه العملية هي ما يطلق عليه الذاتية المنضبطة.

وتكون الذاتية في عملية التقويم منضبطة عندما يوجد اتفاق مسبق على طبيعة السياق ونظام القيم الذي سيطبق عند تفسير البيانات الموضوعية. وحتى مع وجود عنصر الذاتية في عملية التقويم فإن التناسق في مخرجات الأحكام التي ستشتق من نظام التقويم الموضوعي المفترض يكون تقريبيا. لذا فإن الذاتية المنضبطة هي:

التطبيق المتسق أو المتناغم لمجموعة المعايير المحددة سلفا في تفسير بيانات القياس

النظام الشامل لتقويم أعضاء هيئة التدريس

إن عملية تطوير نظام لتقويم أعضاء هيئة التدريس يتضمن توجيه الاعتناء بالمتطلبات التقنية للقياس الجيد والسياسة العامة لاكتساب ثقة أعضاء هيئة التدريس. ولذا فإن البرنامج الشامل وجيد التصميم لتقويم أعضاء هيئة التدريس يمكن أن يعرف بأنه البرنامج الذي يتضمن:

ملاحظات منتظمة (قياس) للأداء المناسب للأعضاء لتحديد درجة تناغم أدائهم مع القيم التي تحددها الوحدة الأكاديمية.

إن أي نظام لتقويم أداء أعضاء هيئة التدريس مصمم باستخدام النموذج الموصوف هنا، يجب أن يفسر كل بيانات القياس بواسطة القيم المؤسسة على الإجماع أو الاتفاق المسبق لإنتاج مخرجات تقويمية متسقة وثابتة.

التدريس الجامعي كعملية ما وراء المهنة

عند الأخذ في الاعتبار تطوير نظام لتقويم أعضاء هيئة التدريس شامل فإنه من المهم جدا تحديد وفهم التعقيد الكبير للواجبات والمسئوليات التي تقع على كاهل عضو هيئة التدريس. فأعضاء هيئة التدريس يندمجون في أنشطة عديدة متنوعة ضرورية للإنجاز الناجح في أداء رسالة وأهداف القسم والمؤسسة التعليمية بالإضافة إلى أهدافهم المهنية الشخصية. هذه الأنشطة قد تتطلب ليس فقط الخبرة في مجال المحتوى العلمي ولكن أيضا المهارات والخبرة في مجموعة من العمليات النفسية والتقنية والتنظيمية والجماعية المعقدة التي ليس بالضرورة مرتبطة بالمحتوى الأكاديمي الذي يتخصص فيه. ولذا فإن مهنة المعلم الجامعي ينظر إليها على أنها ما وراء المهنة Meta-profession : المهنة التي تفترض الخبرة في المحتوى كأساس ولكن تتطلب أيضا أداءً مهنياً في مجالات خارج الخبرات المتخصصة لعضو هيئة التدريس. باختصار فإن أعضاء هيئة التدريس يتوقع أن يأخذ على عاتقه أدوار متنوعة وأن يؤدي بدرجة مهنية عالية في كل دور.

إن الأدوار العديدة التي يقوم بها عضو هيئة التدريس لا تعتمد بالضرورة على مجال الخبرة التي يعرف بها العضو. فبعض الأدوار مثل الإرشاد، والعمل في لجان المناهج أو إدارة مشروعات معقدة قد يتطلب خبرة في مجالات خارج التخصص الدقيق للعضو. باختصار، لكي تقوم الوحدة أو القسم الأكاديمي أو الكلية بدوره بطريقة صحيحة فإن على الأعضاء القيام بأدوار متنوعة. ولذا فإنه عند تصميم وتطوير نظام شامل لتقويم أداء عضو هيئة التدريس يتم فيه تقويم العضو في أدواره كلها، فإنه من المهم جدا أن تعرف هذه الأداءات وتحدد المهارات المطلوبة لتلك الأدوار.

وعند تطوير نظام لتقويم أعضاء هيئة التدريس، فقد لوحظ أن المفهوم والتعريف التقليدي لأدوار عضو هيئة التدريس كالبحث والتدريس والخدمة هي بشكل عام غير فعالة. إن عملية تطوير نظام تقومي شامل يشير حتماً إلى الحاجة إلى تعريف مدى أوسع من الأدوار لكي تتوافق مع نطاق وتعقد أداء أعضاء هيئة التدريس (Aleamoni, 1987).

فعند توظيف عضو هيئة التدريس لأول مرة فإنه يأتي إلى وظيفته بدرجات عليا و/أو خبرات متميزة التي تؤهله كمهني في مجال أو حقل علمي معين. والمهنة المقدمة بهذه المؤهلات والخبرات تشكل ما يسمى المهنة الأساسية لعضو هيئة التدريس. ومجموعة المهارات المتضمنة في المهنة الأساسية لعضو هيئة التدريس يمكن أن تتميز بالأتي:

  • خبرة بالمحتوى: المعارف الأساسية والمهارات والقدرات التي يملكها العضو في مجال محدد بافتراض التدريب والخبرات التعليمية المتقدمة.
  • مهارات عملية: هذه المهارات في ترجمة الخبرة في المحتوى العلمي إلى أفعال لتنفيذ عملية أو إنتاج منتج أو تقديم خدمة.
  • تقنيات البحث: هذه المهارات في اكتساب المعرفة الموجودة و إبداع أو اكتشاف معارف جديدة في مجال تخصصه العلمي.

هذه المعارف والمهارات التي تميز الأساس المهني لعضو هيئة التدريس افترض تقليديا اعتباراها كافية لجعل العضو مدرس فعال. والانتقاء الحالي لعضو هيئة التدريس بالكليات والجامعات لشغل وظائف أعضاء هيئة تدريس قائم بالأساس على هذا الافتراض. على أية حال فإن البحث في مجال تقويم تدريس أعضاء هيئة التدريس يظهر أن هذا الافتراض غير صحيح (Aleamoni, 1999; Hattie & March, 1996; March & Hattie, 2002).

لذا على الرغم من أن المهارات والمعارف المرتبطة بالأساس المهني لعضو هيئة التدريس ضرورية للتدريس الجامعي الفعال، ولكنها في الحقيقة غير كافية. ذلك أن عضو هيئة التدريس يجب بالطبع أن يكون خبيرا في المجال الذي يدرسه. على أية حال، فإن العمل الأساسي المهني لعضو هيئة التدريس، بغض النظر عن نوع هذا التخصص سواء أكان هندسة أم كيمياء أم رياضيات، يختلف بشكل أساسي عن فعل التفاعل مع المتعلمين بالطريقة التي تجعل المتعلمون يكتسبون تلك المهارات والمعارف والمهارات العملية لتلك المهنة. إن عضو هيئة التدريس يجب أن يكون قادرا على تصميم وتقديم مجموعة من الخبرات للمتعلمين مثل تلك التي من المحتمل أن تعلمها الفرد إذا اندمج في تلك الخبرات. إضافة إلى ذلك، فإن العضو يجب أن يكون قادرا بصدق وثبات على تقييم مدى تقدم المتعلم لتعزيز عملية التعلم وأخيرا يصدق على أن التعلم قد حدث بالفعل.

وخارج الفصل الدراسي فإن الأستاذ الجامعي قد يكون من المتوقع أن يرشد الطلاب ويدير المشروعات وما تتضمنه من موظفين وميزانيات، ويرأس الأقسام ويخدم في اللجان المهمة، ويباشر مهام متعلقة بالميزانية، وتوظيف الطلاب، وغيرها من المهام. ومن المتوقع أن يؤدي عضو هيئة التدريس بمستوى مهني في مجموعة من المجالات خارج تخصصه الدقيق. إن الخبرة في تطوير نظم تقويم واسعة المدى لأعضاء هيئة التدريس في المعاهد والجامعات في كل الأنواع والتخصصات أدى إلى تحديد مجموعة من المهارات التالية والتي توصف بأنها مجموعة مهارات ما وراء المهنة والتي تختص بدرجة أو بأخرى للأداء الناجح للأدوار الأعضاء الأساسية في التدريس والبحث والأنشطة الإبداعية والخدمة والإدارة.

  • تصميم التدريس: تلك المهارات التقنية في التصميم والتسلسل وتقديم الخبرات التي تستحث عملية التعلم. وهذا يتطلب معلومات ومهارات في تحليل المهام وعلم النفس التعليمي وشروط التعلم وتطوير أهداف أدائية صحيحة.
  • تقديم التدريس: تتضمن المهارات الإنسانية التفاعلية التي تعزز أو تسهل التعلم في المواقف التعلم المباشرة، وكذلك المهارات في استخدام أشكال متنوعة من طرق التدريس.
  • تقويم التدريس: وتتضمن تلك المهارات في تطوير واستخدام أدوات وإجراءات لقياس تعلم الطلاب (وما يتضمنه ذلك من بناء الاختبارات، وبناء استبانات مسحية، وممارسات وإجراءات وضع الدرجات).
  • إدارة المقرر: وتتضمن المهارات التنظيمية والروتينية المتضمنة في المحافظة على المقرر وصيانته وإدارته.
  • البحث التعليمي: وتتضمن تلك المهارات التقنية والطرق المرتبطة بالتساؤل العلمي في كل جوانب التعليم والتدريس والتربية.
  • القياسات/الاحصاءات: تهتم القياسات/الإحصاءات بقياس الخصائص الإنسانية وتصميم وتحليل البحث المعتمد على تلك القياسات.
  • المعتقدات المعرفية: ويتضمن الفرع الفلسفي الذي يدرس طبيعة وحدود المعرفة وكذلك يختبر بنية المعرفة وأصولها ومعاييرها. ويمكن أن ترى تطبيقات تلك المعتقدات في بناء المقرر أو المنهج الذي يتم من خلاله بناء المعارف، وفي تصميم أحداث التدريس أو الخبرات.
  • نظرية التعلم: تتعامل نظرية التعلم مع نماذج عديدة لشرح كيف يحدث التعلم ويقدم إطار مرجعي لتصميم وتطوير وتقديم التدريس.
  • التطوير الإنساني: وتتضمن النظريات والنماذج التطور الإنساني والعقلي والخلقي والاجتماعي والثقافي والجسمي.
  • تكنولوجيا المعلومات: تشمل مصطلح تكنولوجيا المعلومات كل أشكال التقنية المستخدمة لإنتاج وتخزين وتغيير واستخدام المعلومات بأشكالها المختلفة (بيانات الأعمال التجارية، المحادثات الصوتية، والصور الثابتة والمتحركة، وعروض التقديم باستخدام الوسائط المتعددة).
  • الكتابة الحرفية: تقديم المعلومات العلمية للقراء أو المستمعين بطريقة تتوافق مع احتياجاتهم، ومستوى فهمهم، وخلفياتهم الثقافية. المهارة الأولية هي أن تكتب عن الموضوعات العلمية بالطريقة التي يفهمها المتعلم أو المبتدئ.
  • تصميم الجرافيك: تصميم الجرافيك هو عملية وفن تجميع النصوص والصور لإنتاج وسائل ذات فعالية وكفاءة لتوصيل المعلومات والمفاهيم بطريقة بصرية.
  • التحدث للإعلام: التحدث الإعلامي بشكل عام يعرف بأنه التحدث إلى مجموعة كبيرة من الأفراد في مواقف رسمية بهدف الإفصاح عن معلومات أو إعلام الآخرين بوجهة نظر معينة.
  • أساليب الاتصال: لدى الأفراد تفضيلات متنوعة للتواصل مع الآخرين وتفسير أنماط التواصل من الآخرين. وقد تم تطوير نماذج عديدة تصف كيف يدرك الفرد أساليب الاتصال المفضلة والاسترتيجية المستخدمة في التواصل بفعالية معه.
  • إدارة الصراع: ممارسة تحديد والتعامل مع الصراعات بطريقة حساسة وعادلة وفعالة. وتتطلب إدارة الصراع مهارات مثل التواصل الفعال وحل المشكلات والتفاوض مع تركيز على الاهتمامات.
  • المعالجات الجماعية/ بناء الفريق: مجموعات الأفراد المترابطة معا لتحقيق هداف محدد، سواء كانوا لجنة أو أي تجمع آخر، تتحرك خلال مراحل عديدة قبل أن يتمكنوا من القيام بعمل مفيد.
  • إدارة المصادر: إدارة مصادر المواد للتأكد من الاستخدام الكفء والفعال لتلبية أهداف معينة. وتتضمن مهارات مرتبطة إجراءات ضبط القوائم، وجدولة الصيانة وضبط الكلفة وغيرها.
  • إدارة الموظفين: مهارات في التواصل الفعال وتطوير الفرق وإدارة التنوع وإدارة الصراع وتفويض المسئولية والقيادة والتدريب، وتقديم وتلقي التغذية الراجعة البناءة، وتحفيز وتوجيه الأفراد أو المجموعات لإنجاز أهداف معينة.
  • تطوير الميزانيات/التمويل: يتطلب فهم العديد من المفاهيم الاقتصادية ، والقدرة على فهم التقارير المالية والقدرة على تفسير والاستجابة السليمة للوائح والتنظيمات والسياسات التي تؤثر إنفاقات الميزانية.
  • تطوير وتحليل السياسات: هذه المهارات ضرورية لفهم الضوابط السياسية التي يضعها صانعو القرارات وتقويم أداء المعالجات البديلة للتطبيقات السياسية وتقويم فعالية السياسات وصراع الأدوار.

ولذا فإن الأستاذية قد تفهم بطريقة أفضل من خلال مفهوم “ما وراء مهنة”: المهنة التي يبنى عليها أصول المهنة الأساسية بواسطة تجميع عناصر من عديدة ومتنوعة من الجوانب المهنية. هذا المفهوم يجعل من الممكن تكوين رؤية أكثر واقعية وشمولية للأدوار المتعددة التي يقوم بها عضو هيئة التدريس لتسهيل تقويم الأعضاء وممارسات وإجراءات ممارسات تطوير أعضاء هيئة التدريس.

وبتقديم مفهوم الأستاذية كما وراء المهنة فإن مهارات وعناصر الأداء المتطلبة في التدريس والبحث والخدمة التي سبق بيانها يمكن أن تحدد بشكل أكثر وضوحاً. كما أن التحديد الدقيق وتعريف مكونات أدوار ما وراء المهنة يقدم الأساس لمزيد من الموضوعية والتقويم المعتمد على الأداء وإجراءات التقويم التي تؤدي إلى تصميم نظام تقويم عادل لأعضاء هيئة التدريس.

ربط التقويم بالتطور المهني لعضو هيئة التدريس

على الرغم من أن مصطلح تطوير الأعضاء يستخدم بشكل عام خلال أدبيات البحث المهني، فإن إدراك الأستاذية كمفهوم “ما وراء المهنة”  يستدعي استخدام مصطلح أكثر مناسبة لجهود أعضاء هيئة التدريس لتعزيز مهاراتهم المهنية. ولذا فإننا سوف نستخدم في الجزء القادم مصطلح الإثراء المهني بدلا من التطور المهني.

يجب أن يكون مفهوما أن تقويم أعضاء هيئة التدريس والإثراء المهني هما وجهان لعملة واحدة. لذا يجب أن تعمل برامج التقويم جنبا إلى جنب مع برامج الإثراء المهني للأعضاء. فإذا كنا سوف نخضع جوانب من أداء أعضاء هيئة التدريس للتقويم فإنه حينئذ يجب إيجاد مصادر أو فرص تجعل الأعضاء قادرين على اكتساب أو تعزيز مهاراتهم الضرورية لتلك الأداءات. وللوصول إلى أعلى درجات التحسين الذاتي، فإنه يجب الربط بين برامج تقويم أعضاء هيئة وبرامج الإثراء المهني لهم.

إن أي نظام للتقويم، مهما كانت جودة تصميمه، لاييرتبط بنظام التطوير المهني أو إتاحة فرص إثرائية للتطور، سوف يتم إراكه من قبل الأعضاء على أنه نظام عقابي أو تأديبي للأعضاء أكثر من كونه نظام تقويمي. مثل هذا النظام سوف يرسل رسالة للأعضاء مفادها “أننا بصدد استكشاف ما تقوم به من أخطاء وسوف نحصل عليها ونحاسبك عليها.” وبالتالي فإن هذا النظام سوف يكون محبطا وخيبا للآمال بالنسبة للأعضاء.

إن نظام التقويم الناجح يجب يقدم (1) تغذية مراجعة ذات معنى لإرشاد النمو والتطور المهني؛ 0@ معلومات تقويمية التي تمثل الأساس للقرارات الإدارية. هذين الهدفين يمكن أن يضمنا معا في نظام واحد. إن مفتاح بناء النظام الذي يخدم أو يحقق هذين الغرضين معا يكمن في سياسات تصنيف المعلومات التي يتم تجميعها.  فالمبدأ العام الذي يجب اتباعه في هذا الشأن هو أن المعلومات المفصلة التي يتم الحصول عليها من خلال الاستبانات أو النماذج الأخرى يجب أن تعطى  بشكل كامل لعضو هيئة التدريس لاستخدامها  في جهود النمو والتطور المهني. وبشكل عام فإن تجميع المعلومات التي تلخص النمط العام لأداء عضو هيئة التدريس خلال فترة زمنية معينة يجب أن تستخدم في للقرارات الإدارية كالترقية أو الاستمرارية في العمل.

إن برامج تقويم الأداء يمكن أن تفشل من أساسها لسببين: (1) إذا كانت الإدارة غير معنية بمعرفة إذا ما كانت ناجحة أم لا أو ما يمكن تسميته لا مبالاة الإدارة Administration Apathy، (2) إذا كان الأعضاء لديهم اتجاهات سلبية ضد عملية التقويم أو ما يمكن تسميه مقاومة الأعضاء Faculty Resistance.

 لامبالاة الإدارة

من بين السببين الذين يهددان نجاح برنامج التقويم ، فإن لامبالاة المدير يعتبر السبب الأكثر خطورة. فو أ الإدارة كانت لا مبالية بنجاح البرنامج أو كانت ضده بالأساس فإن النظام لن ينجح. إن أي واحد واجه برنامج تقويم أو تطوير مهني ناجح فإنه لابد أن يشير إلى واحد أو اثنين على قمة الإدارة كان لديهم مهنية والتزاما قويين لتأسيس البرنامج وصيانته والمحافظة عليه. ولكن أن يكون لديك مديرا ناجحا هو أمر ضروريا ولكنه ليس كافيا للنجاح.

إن مقاومة المدراء في المستويات الإدارية العليا يخلق مشكلات عديدة وصعبة. مثل هذه المقاومة تتمحور حول قضيتين: الخوف من فقد السيطرة في عملية اتخاذ القرار الإداري والقلق بشأن التعامل مع مقاومة أعضاء هيئة التدريس.  على أيه حال بينما يعتبر الخوف من فقد السيطرة أو تهديد السلطة أمرا خطيرا، إلا أن هناك العديد من المعالجات الفعالة للتعامل مع مثل هذه المخاوف.

 مقاومة أعضاء هيئة التدريس

إن التزام الإدارة مهم ولكنه كما سبق ذكره غير كاف لضمان نجاح برنامج التقويم. إن قبول أعضاء هيئة التدريس هو أيضا ضروري. إن مقاومة أعضاء هيئة التدريس لتأسيس برامج للتقويم والتطوير المهني ينشأ من مصادر عديدة. فمعم المقاومة على أية حال ينشأ من اثنين أو ثلاث مصادر للقلق.عند مناقشة هذه النقطة لنبدأ بإقرار نقطة واضحة تماما: لا أحد يستمتع بكونه محل تقويم. القليل من ألأفراد يستمتعون بإخبارهم بنقاط قوتهم ونقاط ضعفهم التي في حاجة إلى تطوير وتحسين خاصة أولئك الذين قضوا سنوات طويلة في التدريس الجامعي ومنحوا درجات عالية وتم تقويمهم مرات عديدة.  لذا فإن الظاهرة بشكل عام تتكون من رد فعل ثنائي: المقاومة لأن يكون العضو محل تقويم واللامبالاة بعملية التطوير. إن مقاومة الأعضاء لخضوعهم لعملية تقويم تظهر في نمو ثلاث أمور مقلقة بالنسبة للأعضاء:

  • الاستياء من افتراض أنهم قد لا يكونوا أكفاء في تخصصاتهم العلمية
  • الشك في أنهم سيتم تقويمهم بواسطة أناس غير مؤهلين.
  • القلق أنهم سوف يتحملون مسئولية الأداء في مجالات يرون أنهم غير متخصصين فيها أو لديهم معلومات قليلة عنها.

 

إرشادات للتغلب على المعيقات وتجنب الأخطاء

توقع مقاومة من الأعضاء: لقد أظهرت الخبرة أن مقاومة الأعضاء تمر بخمس مراحل متوقعة:

المرحلة الأولى: رفض بازدراء. خلال هذه المرحلة يتبنى الأعضاء اتجاها بأن هذا النظام لن ينجح مطلقاً. أو أن هذا النظام تم تجريبه قديما ولم ينجح وبالتالي فهو لن ينجح الآن.

المرحلة الثانية: مقاومة عدائية: خلال هذه المرحلة يبدأ الأعضاء في إدراك أن الإدارة عازمة على المضي قدما لتطوير ما يعتبرونه نظام تقويم معقد وغير مرغوب لأعضاء هيئة التدريس. ومقابلات مجالس الأعضاء تصبح ساخنة ومشحونة. وتظهر في الأفق شكاوى عديدة وعلى مستويات مختلفة.

المرحلة الثالثة: إذعان أو قبول ظاهري: يبدأ الأعضاء في تكييف أنفسهم مع حقيقة أن نظام تقويم أعضاء هيئة التدريس في طريقه للتنفيذ على الرغم من رفضهم له. ويأمل معظم الأعضاء في أن تجاهلهم له قد يؤدي إلى فشله أو توقفه. وتبدأ بعض الأصوات الداعمة في الظهور.

المرحلة الرابعة:  محاولة إغراق السفينة. في هذه المرحلة عناصر معينة من أعضاء هيئة التدريس وربما بعض رؤساء الأقسام يبالغون بشدة في أثر المشكلات التي يسببها نظام التقويم.

المرحلة الخامسة: قبول التذمر. بعد فترة يكتشف الأعضاء أن النظام له بعض المحاسن. عندما يكون كل الأعضاء متساوين ولكنهم غير سعداء بالنظام فإن حدود مقاومة الأعضاء سوف يكون قد تم التغلب عليها بنجاح. وهذا يكون أمرا جيدا فور حصوله.

 

كن جاهزا للاستجابة إلى قلق الأعضاء

تتضمن مظاهر القلق وردود الفعل التي يمكن رصدها هنا ما يلي:

  • الطلاب ليسوا مؤهلين لتقويم عضو هيئة التدريس
  • التدريس نشاط معقد جدا لدرجة أن من الصعب تقويمه بطريقة صادقة.
  • لا يمكن لأحد اختزال شيء معقد جدا كتقويم أداء عضو هيئة التدريس في رقم – إنه شيء لا يمكن قياسه

مثل هذه الاتجاهات والآراء تحتاج إلى التعامل معها بشيء من الحكمة والاستعداد الجيد للتجاوب معها وترويضها بطريقة مناسبة.

 

تأسيس مركز أو مكتب للتأسيس: هذا المركز أو المكتب يفضل ألا يكون موجودا بمكتب نائب رئيس الجامعة أو عميد الكلية. ولا يجب أن تكون مهمته هي تقويم أعضاء هيئة التدريس فقط ولكنه يكون مسئولا أيضا عن تقديم مجموعة متكاملة من برامج التطور المهني لأعضاء هيئة التدريس.

تأسيس مجلس استشاري بالكلية لنظام التقويم: على الرغم من أن وحدة أو مركز تقويم وتطوير أعضاء هيئة التدريس يكون تابعا لنائب رئيس الجامعة أو عميد الكلية إلا أنه من المفيد أن تكون هناك هيئة استشارية. هذه اللجنة يمكن انتخابها أو انتقاؤها من قبل مجلس الجامعة أو تحديدها من قبل الهيئة الإدارية. وفي كل الأحوال فإنه ينبغي أن تكون هناك آلية للأعضاء لاقتراح بعض المدخلات في تطوير السياسات المؤثرة في معالجة المركز والبرامج المقدمة حتى لو كانت هذه المدخلات هي مجرد نصائح.

الاستعانة باستشاريين متخصصين: يمكن أن يؤدى الاستعانة ببعض الاستشاريين من خارج الجامعة دورا مهما في التقليل من مقاومة الأعضاء والإدارة لعملية التقويم. هؤلاء الاستشاريين يمكن أن يمثلوا قنوات اتصال بين الإدارة والأعضاء والعكس. كما أنهم قد يقوموا بدور مهم في التأكد من النظام الإداري بالمؤسسة قادر على القيام بالتقويم بكفاءة. كما أنهم يمكنهم القيام بعقد اجتماعات مع الأعضاء في جو من الحرية للنقد والحديث بحرية عن الأمور التي تقلقهم.

تكامل نظام التقويم وبرامج التطوير المهني: يجب التأكد من كل عنصر من عناصر التقويم يقابلها برامج في البرنامج العام لتنمية أعضاء هيئة التدريس. فلو أنه على سبيل المثال توصيف المقرر يمثل جزءا من تقويم أعضاء هيئة التدريس فإنه يجب أن يكون هناك ورش عمل ودورات تدريبية لتدريب الأعضاء على كيفية تطوير توصيف لمقرراتهم بطريقة سليمة.

استخدام مصادر متنوعة في مصادر التقويم: يجب التأكد من أن نظام تقويم أعضاء هيئة التدريس يتضمن ويستخدم معلومات مستقاة من مصادر عديدة مثل: الزملاء والطلاب والإداريين والأعضاء أنفسهم. ومن المهم تحديد أثر المعلومات المستمدة من كل مجموعة في التقويم الكلي للأعضاء.

بذل كل الجهود للتأكد من أن برنامج التقويم صادقا من الناحية الوظيفية: جميع الجوانب التي يتضمنها تقويم أداء أعضاء هيئة التدريس يجب أن تمثل الجوانب التي يعتقد الأعضاء والإداريون أنها الأكثر جدارة بالتقويم. وعند تأسيس الصدق الوظيفي لبرنامج التقويم، فإنه من المهم تذكر أن عملية التقويم تتطلب مجموعة من البيانات الموزونة في مقابل مجموعة من القيم.

قدم معلومات مفصلة عن تقويم أعضاء هيئة التدريس – بشكل أولي وحصري – لكل الأعضاء: يجب أن تتاح جميع معلومات التقويم لكل عضو بشكل كامل وسري وأمين. كما يجب أن تكون برامج التطوير التي يحصل عليها العضو تتم بشكل لا يكشف للآخرين جوانب القصور لدى كل عضو.

تأسيس نظام معين للحوافز: تأسيس سياسة تعالج النمو المهني الموثق وجهود الإثراء بطريقة مشابهة لتلك السياسة المستخدمة مع جهود النشر والبحث. إن النمو المهني الناجح واكتساب وتعزيز المهارات المطلوبة للأدوار المتنوعة لأعضاء هيئة التدريس يجب أن تلعب دورا معتبرا في ترقية أو وتثبيت عضو هيئة التدريس وكذلك في تحديد الحوافز الدورية التي يحصل عليها العضو.

ربط إجراءات قرارات الترقية والتثبيت والحوافز مباشرة بقدر المستطاع بتقويم الأعضاء وبرامج الارتقاء المهني: هذا الاقتراح الأخير مهم للغاية لو أريد لنظام التقويم أن ينجح. إن الاعتراض الأولي الذي قد يقال عند طرح قضية ربط الترقية بالتقويم هو أن ربط الأداء بالمال أو الحوافر الأخرى غير الداخلية (الذاتية) ينقص من أو يقلل من قيمة العمل الأكاديمي. فالكثيرون يعتقدون أن الأعضاء يجب أن يدرسوا لأنهم يحبون التدريس ويقوموا بالبحث العلمي كتعبير عن التزامهم المهني لاستكشاف الحقيقة. بالتأكيد هناك بعض الأعضاء الذين يقومون بالتدريس والبحث لحبهم للتدريس ولشغفهم بالمعرفة. ولكن هذا لا يعني أن الجميع كذلك.

 

اعتبارات عملية في التخطيط لتطوير نظام تقويم أعضاء هيئة التدريس

إن أدبيات البحث في مجال تقويم أعضاء هيئة التدريس يحتوي على العديد من الأبحاث المهتمة القضايا النظرية والقياسية لنماذج متنوعة واستبيانات وإجراءات لاستخدامها في تقويم أعضاء هيئة التدريس خاصة نماذج تقدير الطلاب. على أية حال القليل من الاهتمام تم توجيهه  للقضايا العملية والعملية واليومية والمشكلات التي تواجه العاملين المسئولين عن إجراء العمليات الإجرائية لتقويم أعضاء هيئة التدريس. 

توضيح أن الهدف من نظام تقويم أعضاء هيئة التدريس هو تقديم خدمة

من وجهة نظر عملية فإن أي نظام تقويم لأعضاء هيئة التدريس يجب أن يخدم أهداف بنائية وأهداف ختامية (التجميعية). ويجب أن يقدم النظام معلومات تشخيصية ثرية لتحسين وتعزيز أداء الأعضاء، وكذلك تقديم بيانات دقيقة وصادقة  ومناسبة يبنى عليها القرارات الإدارية. إن نظم تقويم الأعضاء التي تبدأ كنظم بنائية (مثل تلك المصمم لتقديم تغذية مرتدة لتسهيل النمو والتطوير المهني). عاجلا أو آجلا فإن الأعضاء سوف يودعون بيانات تقويمية كجزء من الدليل على دعم قرارات الترقية أو التثبيت أو الحوافز. أو على العكس فإن المدير سوف يبحث عن بيانات تقويمية معينة للمساعدة في اتخاذ قرارات إدارية بخصوص أعضاء هيئة التدريس.

وفي الممارسة العملية، فإن نظام التقويم يمكن أن يخدم كل من الأغراض البنائية والختامية. والمدخل الرئيس لتطوير ومعالجة مثل هذه النظم هو التحديد والوصف الدقيق لأشكال البيانات التي يجب تجميعها وما الذي سوف نفعله بهذه البيانات. إن نظم التقويم يجب أن تبنى بالطريقة التي تقدم بيانات مفصلة وأمينة لأعضاء هيئة التدريس، من أجل فقط أغراض التشخيص والتغذية الراجعة.

 

نظام البورتفليو

إن نظام تجميع وتخزين معلومات تقويم أعضاء هيئة التدريس والتي حازت شعبية كبيرة هو النظام المسمى البورتفليو. وداخل هذا النظام، يكون أعضاء هيئة التدريس أنفسهم مسئولون عن تجميع وصيانة ملفاتهم الخاصة بأسلوب وصيغ معينة لتطوير برتفليو التقويم الخاص بهم. وقد يأخذ بورتفليو تقويم الأعضاء أشكال عديدة. والمؤسسات التي تستخدم مثل هذا النظام عادة  ما تكتب إرشادات توضح خطوة بخطوة  كيفية عمل هذا النظام وكيفية تجميع البيانات.  

نظم تخزين المعلومات الالكترونية

طورت العديد من الهيئات نظام معلوماتي إلكتروني لتجميع المعلومات. مثل هذه النظم بشكل عام توجد نظام إلكتروني آمن لكل عضو هيئة تدريس. فكل عضو هيئة تدريس يكون مسئولا عن إدخال البيانات المناسبة داخل النظام المؤسس على نماذج أو شاشات والتأكد من اكتمالها. وعادة يكون الإداري الرئيسي – مثل رئيس القسم أو العميد لديه الصلاحيات لرؤية وربما تحديث ملفات أعضاء هيئة التدريس.

عن admin

شاهد أيضاً

كيف تبني مقياس دراستك؟

هناك عدد من الممارسات الضرورية لتصميم مقاييس الدراسات المسحية، وهي تتضمن ست خطوات: الخطوة 1: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page