د. أسامة محمد إبراهيم
أستاذ علم النفس التربوي – جامعة سوهاج
تقوم بعض هيئات تقويم التعليم بجدولة زيارات منتظمة وعمليات تفتيش دورية لجميع المدارس، في حين تستخدم مفتشيات أخرى نموذجًا توافقيًا يستند بصورة أكبر إلى المخاطر.
في نماذج التقويم التوافقية المستندة إلى المخاطر proportionate risk-based inspection models يعتمد تواتر عمليات التقويم على تحليل نتائج تحصيل الطلاب (مثلا الاختبارات الوطنية الموحدة ووثائق التقويم الذاتي). تُحلَّل نتائج تحصيل الطلاب بحثًا عن المخاطر المحتملة المتمثلة في إخفاق المدارس في تلبية معايير الجودة، وتُحدَّد مواعيد الزيارات للمدارس المتوقع حدوث قصور فيها. في مثل هذا النموذج، تُستَهدف المدارس المعرضة بشدة لخطر ضعف الجودة بزيارات تفتيشية وفق جدول زمني خاص، وتُراقًب المدارس الضعيفة على نحو أكثر تكرارًا مقارنة بالمدارس التي لا تبدو معرضة لأية مخاطر، مما يتيح لهيئات التفتيش على التعليم استخدام مواردها المتاحة وقدراتها التفتيشية بشكل فعَّال.
وهناك نوع آخر من التقويم يسمى “التقويم المُركَّز”، وهو فكرة تهدف إلى ترشيد عملية التقويم والإنفاق، حيث يتم التركيز على مجالات محددة محل اهتمام، مثلا يمكن التركيز فقط على مجال التعليم والتعلم، أو القيادة المدرسية، أو نواتج التعلم فقط، أو عدد من المعايير الذي تظهر التقويمات الذاتية (أو الخارجية) أنها تمثل نقاط ضعف خطيرة. ويمكن استخدام إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحديد هذه الموضوعات التي يمكن أن تمثل تحديدا لنواتج التعلم المستهدفة.
الشراكات بين المدارس
في الآونة الأخيرة، دعمت بعض أنظمة التعليم الشراكات المحلية للمدارس. ومن الأمثلة على ذلك تنفيذ الشراكات الموجهة نحو التحسين بين المدارس في إنجلترا وتشجيعها، وإدخال ما يسمى “قادة النظم” وهم المسؤولون عن تحسين شبكات المدارس، وتفعيل شبكات المدارس المدعومة من الحكومة والمدارس الخاصة التي تتقاسم المسؤولية عن التعليم الدمجي في هولندا.
إنجلترا
تتوقع كل من وزارة التعليم وهيئة أوفستد أن يعزز الدعم والتعاون المتبادل بين المدارس التحسين المدرسي، ويفترضون أن انعزال المدارس عن بعضها هو السبب الرئيسي لضعف أدائها. نفذت وزارة التعليم مجموعة من الإصلاحات لتحفيز المدارس لأن تصبح جزءًا من شبكة (بدلاً من العمل ككيان مستقل)، وطرحت مجموعة من الأساليب يمكن أن تحفز المدارس على العمل معا في شبكات، تتراوح من شراكات رسمية وفق اتفاقات تشريعية حول التعاون، إلى شراكات منظمة بشكل غير رسمي وليس لها حوكمة مشتركة. تحتوي كل من الشراكات الرسمية وغير الرسمية على عنصر الاستعانة بمصادر خارجية، بالإضافة إلى عنصر تجميع الموارد حول تدريب المعلمين الجدد، والتنمية المهنية، والتحسين المدرسي.
هولندا
في هولندا منذ عام 2014، تُلزَم المدارس العادية ومدارس التربية الخاصة بالعمل في شراكات لتوفير نافذة واحدة للتعليم الدمجي لجميع الأطفال (وكذلك الأطفال ذوي الإعاقة). أُنشئت هذه الشبكات بشكل أساسي من قبل وزارة التعليم والثقافة والعلوم وفقًا لقرب موقعها الإقليمي، وعدد الطلاب، والتعاون غير الرسمي القائم بين المدارس، وبعد استشارة المجالس المدرسية للمدارس الأعضاء. تخضع الآن كل شبكة من شبكات مدارس التعليم العادي ومدارس ذوي الاحتياجات الخاصة لسلطات تعليمية جديدة مسؤولة عن ضمان التعاون الوثيق بين هذه المدارس في توفير رعاية وتعليم عالي الجودة لكل طالب. تلتزم هذه السلطات الجديدة قانونًا “بتقديم الرعاية”، مما يعني أنها تضطلع رسميًا بمهمة إيجاد مكان مناسب لكل طالب في مدرسة في منطقته، بدلا من قيام الآباء بمسؤولية تسكين أطفالهم في المدارس.
إيرلندا الشمالية
شهدت أيرلندا الشمالية تغييرات مماثلة مع ظهور “مجتمعات التعلم ذات النطاق المكاني” في عام 2006. وتعد مجتمعات التعلم ذات النطاق المكاني تجمعات تطوعية لجميع المدارس العادية، بما في ذلك مدارس التربية الخاصة التي تضم طلاب ما بعد المرحلة الابتدائية، ومدارس التعليم الإضافي التي أنشئت من أجل التخطيط على نحو تعاوني لتلبية احتياجات الطلاب في منطقة ما والتركيز على الجودة وتبادل الممارسات الجيدة. تتيح مجتمعات التعلم ذات النطاق المكاني للمدارس تجميع مواردها للوفاء بالمتطلبات التشريعية المنصوص عليها في “الإطار العام للتأهل لتوفير وسيلة للطلاب للوصول إلى الحد الأدنى من عدد المقررات في المرحلة الأساسية الرابعة/الابتدائية.
كما يتضح من هذا الأمثلة، فقد أصبحت الشبكات المدرسية والتعاون بين المدارس في نظام يتسم بمزيد من اللامركزية هي الحل الأمثل لإصلاح التعليم وإيصال الخدمات بشكل جيد. تهتم الحكومات الوطنية بمثل هذا التعاون لبناء القدرة على معالجة القضايا المعقدة وتحقيق النتائج التنظيمية الأساسية بنجاح. وفقًا لـهذا التعريف بالشبكات، من المتوقع أن تتعلم المدارس من بعضها البعض، كما هو الحال في إنجلترا، وأن تبحث عن طرق فعالة لإيجاد حلول للمشكلات المحلية وتنفيذها، وتوفير خدمات أوسع نطاقًا وأفضل تنسيقًا (كما هو الحال في هولندا)، وأن تكون لديها القدرة على الاستجابة للظروف المتغيرة.